إن أحق شيء بالمراجعة في كل حين حتى تتأكد من حياته وسلامته هو القلب، فقد يداهمه عدو، أو يداخله مرض وأنت لا تشعر، أو تشعر ولكن بعد فوات الأوان، كقوم ناموا فما استيقظوا إلا وقد اجتاحهم عدو غاشم فحينها لا ينفع الصراخ ولا العويل، فاحذر الغفلات أيها المسلم! فإنها مداخل الشيطان إلى الإنسان وهي إما شهوة أو شبهة لا تزول، وإذا أردت أن تتأكد من وجود هذه الأمراض وأثرها على القلوب المريضة فانظر كم من إنسان فتن وضيع دينه ودنياه بنظرة محرمة، كما قيل:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى             فصادف قلباً خالياً فتمكنا
والحقيقة أنه إذا جاء الهوى وجاءت الشهوة؛ والقلب خال؛ لا من الهوى، وإنما من التقوى الإيمان، فإذا صادفت الشبهة أو الشهوة قلباً خالياً فإنها تتمكن منه، بل وصل المرض إلى درجة أن أحدهم يمرض من سماع صوت، فكم من الناس سمع صوت مغنية فمرض، فهو لا يطيق سماع ذكر الله ولا يكف عن سماع الغناء ولا يريد أن يذهب إلى المساجد ولا يريد سماع القرآن؛ وكما قيل:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة             والأذن تعشق قبل العين أحياناً
ما أصعب معالجة القلب إذا مرض، فالنظر المحرم والسماع سهمان مسمومان إذا نفذا إلى القلب أمرضاه، وربما قتلاه، وقد كتب العلماء في ذم الهوى كتباً: كـابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه إغاثة اللهفان وكتابه الجواب الكافي وابن الجوزي رحمه الله في كتاب ذم الهوى وذكروا قصصاً منها: أن بعض الناس يقال له عن امرأة فيفتن بها فيمرض، وبعضهم يرى منها الكف أو المعصم فيمرض ويهلك؛ لأن القلب ليس له قدرة على المقاومة، فيضعف وينحلّ.